مصطفى غربي، قارئ ناجح رغم أنف العقَبات !
مصطفى غربي قارئ مغربي وُلد بقبيلة الشراكي التابعة لإقليم سطات بالمغرب سنة 1964م لأسرة فقيرة تعتمد على الفلاحة والأعمال البسيطة لكسب عيشها. منذ ولادته ابتلاه الله تعالى فحُرِم من نعمة البصر لكن ذلك لم يمنعه من الاجتهاد والعمل لتحقيق النجاح. ففي السنوات الأولى لطفولته برزت موهبته الكبيرة في حفظ القرآن الكريم وترتيله، فكان متميزا في هذا المجال مقارنة مع أقرانه، وقد ساعده والداه على التوجه لحفظ كتاب الله وشجعاه على العلم والتحصيل رفقة أخٍ له، وكانا يأملان أن يكون أحدهما حافظا لكتاب الله جريا على عادة قبيلتهم.
ولكونه ضريرا، ألحقه والده بكُتَّاب القرية ليكون مؤنسا لأخيه الذي يكبره سنا، فإذا بمصطفى غربي ينخرط في مسيرة حفظ كتاب الله ويتفوق على أخيه ويواصل مسيرة الحفظ بدلا عنه. وعلى عكس أخيه وباقي طلبة الكُتّاب، تعلم القارئ مصطفى غربي القرآن الكريم عن طريق الاستماع فقط دون الاستعانة باللوح لمعرفة رسم الحروف والآيات القرآنية. فبدأ حفظ القرآن عن طريق السماع في الثامنة من عمره وأتم حفظه في سن الثانية عشرة على يد الفقيه الحاج المحجوب الصويري رحمه الله وكان ذلك سنة 1973م.
بعد إتمام حفظ القرآن الكريم، أخذ القارئ مصطفى غربي يتردد على مدينة الدار البيضاء لزيارة أقرباء له، الأمر الذي مكنه من نسج علاقات جديدة مع بعضٍ من سكان "كاريان سيدي عثمان" الذين أعجبوا بصوته الشجي وأدائه المتقن، فكان يقلد مشاهير المقرئين في العالم الإسلامي أمثال عبد الباسط عبد الصمد وبعض المغنيين أمثال محمد عبد الوهاب وأم كلثوم، لكنه سرعان ما تخلى عن الغناء، وكرَّس وقته لصقل موهبته في قراءة القرآن وترتيله، فكان يحضر حلقات الذكر هنا وهناك، ويستفيد من الدروس الدينية في عدة مجالات كاللغة العربية وعلم التجويد وغيرها.
تلاوته المتقَنة للقرآن الكريم، وتردده على حلقات الذكر، واحتكاكه بأهل العلم عوامل من بين أخرى ساهمت في تكليفه بإمامة الناس بعدد من مساجد الدار البيضاء بدءا بمسجدي الشباب والمحسنين بكاريان سيدي عثمان سنة 1979م، مرورا بمسجد طريق بورنازيل سنة 1980م، ومسجد الشهداء بمنطقة الصخور السوداء سنة 1982م. وانتهاء بمسجد الحسن الثاني الذي مارس فيه الإمامة طيلة سبع سنوات. موازاة مع ذلك شارك في العديد من المسابقات القرآنية محليا ودوليا وحقق فيها نتائج جيدة.