محمد أنور الشحات، حنجرة ذهبية تحرك القلوب قبل العقول
وُلد القارئ المصري الشيخ محمد أنور الشحات في فاتح يوليوز سنة 1950م بقرية صغيرة تدعى كفر الوزير بمحافظة الدقهلية في جمهورية مصر العربية. بعد مولده بثلاثة أشهر فقط، انتقل والده إلى رحمة الله تعالى، فعاش يتيما، وترعرع في بيت جده تحت عناية أمه وأحد أخواله. وقد كان لهذا التحول السريع والمفاجئ أثرا قويا في مساره الحياتي لاحقا، حيث ساهم تكفل جده به في تلقيه تربية دينية طيبة ورعاية إنسانية لا مثيل لها، فتمكن من حفظ القرآن الكريم كاملا وهو في الثامنة من عمره، وراجعه أكثر من مرة على يد عدد من الشيوخ والعلماء أمثال خاله الشيخ حلمي محمد مصطفى رحمه الله، والشيخ علي سيد أحمد رحمه الله.
وبعد إتمام حفظه للقرآن الكريم وتمكنه من إتقان قواعد قراءته وترتيله، التحق القارئ الشيخ محمد أنور الشحات بعدد من المساجد المحلية والوطنية بصفته قارئا للقرآن الكريم، كما شارك في عدد من المناسبات الدينية والعلمية، فأظهر موهبة متفردة في تلاوة القرآن الكريم، وأذهل المستمعين بملَكاته الصوتية القوية، ومهاراته اللغوية الفذة. ولم يكد يبلغ العشرين من عمره حتى انتشر اسمه وشاع ذكره في الناس، فانهالت عليه الدعوات من مختلف المدن والمحافظات، ليصبح القارئَ المفضل في التراب المصري على اختلاف مناطقه.
شهرته هذه، ازدادت وتوسعت بعد ظهور أجهزة التسجيل الصوتي مع سبعينيات القرن الماضي في المدن كما في القرى. حيث اشتغل في الإذاعة المصرية فكان يقرأ فيها ما تيسر من كتاب الله بشكل منتظم، وكانت له تسجيلات قرآنية خاصة على أشرطة الكاسيت لاقت إقبالا كبيرا واهتماما منقطع النظير، حيث تجاوزت إصداراته في تلك الفترة عشرة آلاف ساعة من التلاوات الخاشعة والقراءات المتميزة. ورغم اشتغاله في الإذاعة وتمكنه من كسب قلوب الناس عبرها، ظل القارئ الشيخ محمد أنور الشحات وفيا للإمامة ولقراءة القرآن الكريم في المساجد، حيث قضى فترة طويلة يرتل كتاب الله بصوته الشجي وأدائه الرصين في مسجد الإمام الرفاعي.
وبعد سنوات حافلة بالعطاء الغزير والإسهامات القرآنية الكثيرة، رحل القارئ الشيخ محمد أنور الشحات إلى دار البقاء في الثالث عشر من شهر يناير سنة 2008م، تاركا خلفه مكتبة صوتية زاخرة بالتسجيلات القرآنية الممتعة لا يزال صداها يتردد إلى يومنا هذا، حيث تلقى قراءاته إقبالا كبيرا من محبي التلاوة والتجويد داخل مصر وخارجها. فهو صوت مألوف في الإذاعات والقنوات الفضائية الإسلامية، وقد أنشأ له عشاقه ومحبوه صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي وعلى شبكة الانترنيت تضم تشكيلة متنوعة من أجمل ما قرأ طوال مشوار حياته.